Pages and Links

المياه المدمرة لبرج الدلو

 

المياه المدمرة لبرج الدلو

في هذه الأوقات العصيبة، حين تجرف مياه برج الدلو كل التقاليد، وكل الأسس الأخلاقية، حين نشعر بأن الأرض تحت أقدامنا تنهار أمام سيل الأفكار الجديدة والمريبة، نشعر وكأننا بحارة غارقون.

تحاول أيدينا الإمساك بأي شيء عائم قريب، شيء يسندنا دون أن يختنقنا الماء. ومع ذلك، لا شيء يبقى ثابتًا، كل شيء يتحطم، وتفلت أيدينا من جديد في يأس، باحثة عن سند جديد.

قال رجل حكيم ذات مرة إن الفرق بين جذع عائم ينجرف مع التيار والقارب هو أن للقارب مجاديف. مجاديفه الخاصة التي توجهه، ودفته الخاصة التي تقوده. لا شيء خارجي يمكن أن يساعد في خضم العاصفة؛ فقط في داخلنا يمكن العثور على طوق النجاة.

لهذا السبب، اليوم أكثر من أي وقت مضى، تُعتبر الفلسفة، محبة الحكمة، نبعًا لا ينضب لتعلم التجديف في نهر الحياة. ومحورنا الداخلي، عمود النور الداخلي، وحده قادر على تثبيت سفينتنا عند هبوب العاصفة.

للشعوب، كالأفراد، عمود نور: روحها، تقاليدها، التي لا يمكن اختزالها أو تحديدها برؤية معينة، بل يجب أن تكون عالمية. لهذا السبب، يجب أن تجد مصر نفسها في العالمية، وأن تجد حكمتها الخاصة، لأنها وفيرة وكافية، لأنها عالمية، لأنها كاملة، غربية وشرقية، جنوبية وشمالية، قديمة وحديثة، إسلامية ومسيحية.

دع متعصبي العالم يتقاتلون فيما بينهم، مشعلين شموعهم الصغيرة من نور باهت في كهوفهم، التي تُنيرهم وحدهم. لا تُصدّقوا من يتحدثون عن النظام الجديد، لأنه لا يوجد سوى نظام واحد، وهو ليس جديدًا ولا قديمًا، لا من الحاضر ولا من الماضي، بل هو النظام الإلهي، النظام الطبيعي. أشعلوا نوركم الداخلي، ليس لأنفسكم، بل للجميع، وستكتشفون أنه حتى شعلة صغيرة، كالنجوم، يمكن رؤيتها من بعيد في الظلام. وعندما نوحد أنوارنا، قلبًا لقلب، سينيرنا نور أعظم، يملأ العالم كله بالإرادة والحب والذكاء.

نور على نور

No comments:

Post a Comment

المياه المدمرة لبرج الدلو

  المياه المدمرة لبرج الدلو في هذه الأوقات العصيبة، حين تجرف مياه برج الدلو كل التقاليد، وكل الأسس الأخلاقية، حين نشعر بأن الأرض تحت أقدامنا...